في الساعة الثامنة وصل "هشام" لمنزلهُ عائِداً مِن المُستشفى بعد أن اِطمئن على والده، وألقى بجسده على الأريكة وجلس يُشاهد التلفاز، وكان ينَظُر بالهاتف كثيراً حتى وصلت رسالة مكتوب بها "أنا مُراقبة فلا تنسى اتفاقنا واِحذف الرسالة"، وبعد مرور بعض الوقت نهض صوب الشُرفة أثر سماعهُ لضجيج في الشارع، فوجد تجمع لمجموعة مِن الشباب بالقُرب مِن منزلهُ، فدخل بدون أن يعلم السبب نظراً لأنهُ يقطن في الطابق الخامس، وقبل أن يجلس سمع صوت دق الباب -وكانت الساعة تُشير للعاشرة مساءً-، فذهب صوب الباب وفتحهُ وإذ به يجد "منة" ترتدي ملابس زادت مِن جمالها جمالاً ومِن أنوثتها سحراً للناظرين، فقال مُنبهراً: - علمتُ لماذا كان الشباب مُجتمع قُرب باب البناية. فضحكت بعذوبة قائِلة: - هل سوف نتحدث كثيراً على الباب؟ ألن تدعوني للدخول. فقال ضحكاً وهو يبتعد بجسده ليسمح لها بالدخول: - عذراً يا ملِكتي تفضلي. فدلفت للداخل تتأرجح بمشيتها يميناً ويساراً ثم وقفت وأشارت لهُ بإصبع السبابة اليُمنى، فاِقترب مِنها بجوار الأريكة فألقت بجسدها عليه فابتعد سريعاً ووقعت على الأريكة وهي تضحك بطريقة هستيرية، فسألها بتأفف: - ماذا تريدي يا "منة"؟. فأجابت بصوت كفحيح الثُعبان: - أريدَكَ أنتَ.
الاقتباس الثاني مِن#رواية_حلم_أجارثا وخلال دقائق مِن نشر الخبر؛ كان الممر المؤدي لغُرفة والده الدكتور "يوسف زايد" مُزدحم بالعشرات مِن الأقارب والزُملاء، مِما دعا إدارة المُستشفى لدعوتهُم للِانصراف حتى لا يتأثر المريض بالسلب، اِلتزم البعض بالمُغادرة سريعاً والبعض الأخر قرروا مُصافحة "هشام" الذي تفاجأ بوجود صوت رقيق مُميز يتحدث إليه، فرفع رأسه وإذ به يجد "منة البحيري" حبيبتهُ السابقة تبتسم في حزن -فتاة جميلة الملامح ممشوقة القوام ذات جسد ملفوف وأُنوثة طاغية-، اِنحنت بجسدها كأنها تُقبلهُ ولكنها همست في أذنه بعذوبة قائلة: - أنظر ما تحويه هذه الورقة في وقت لاحق!. ووضعت ورقة في جيب معطفهُ وغادرت مع مَن غادروا، ونصحه الأطباء بالعودة لمنزلهُ للراحة وأنهُم سوف يخبروه عِندما يستعيد وعيه. فاِستجاب لهُم وغادر لمنزلهُ، ووصل بعد أن اِنتصف الليل ولشدة الإرهاق لم يستطع الدخول لغُرفتهُ وألقى بجسده فوق الأريكة ونام مِن التعب الذي يسيطر عليهِ حتى سمع آذان الفجر فاَنتفَضَ جسدهُ والعرق يَتَصَبَبُ مِن جبينه صباً، فنهض سريعاً وتوضأ وصلى الفجر في الردهة ثُم ألقى جسده على الأرض، وكان يتقلب يميناً ويساراً وعيناه مفتوحتان، وأثناء تقلبهُ لاحظ وجود ورقة صغيرة بجانب الباب فنهض واِلتقطها ولم يجد بها إلا جملة مُبهمه: "تابع الرسائل على البريد الإلكتروني".
الاقتباس الأول مِن #رواية_حلم_أجارثا عام 2045 مرحباً بكم، لا تستغربون إنني أتحدث بلُغتكُم، سَمعتُ أحدكُم يقول هل نعرفك؟ والإجابة بسيطة فأنتُم تعرفوني بالفعل، أو كُنتُم تعرفوني وهذا هو الجواب الصحيح، تسألون كيف ذلك؟ سوف أخبركُم كُل شيء ولكن لا تتعجلوا الأمر وتزعجوني حتى لا أغضب عليكُم وأُرسل لكُم جنودي، فلن تستطيعوا مواجهتهُم، فأعدادهُم لا تُحصى ولا قِبل لكُم بِهُم، وأسلحتهُم فتاكة ولم تروها مِن قبل، مَن أنا؟ أُخبرتكُم أن لا تتعجلوا فلكُل حادث حديث، فأنتُم مَن ستقضون على أنفُسكم بتسرعكُم هذا، لا تُكرروا نفس الخطأ القديم، لأني لا أملك الصبر الذي كان لدي قديماً مُنذ مائة وأربعون عاماً عِندما كُنتُ بشراً على سطح الأرض، نعم لقد سمعتُم جيداً! فعمري الحالي مائة وسبعون عاماً، أعرفكُم بنفسي، أنا "قائد الظلام" حاكم "الرماديين" (سُكان جوف الأرض)، أنتُم لا تصدقوني!. فخلع القناع وظهر وجههُ الحقيقي -ملامحه تُشبه البشر مع بعض الاِختلافات- وأكمل قائِلاً: - هذا كان وجهي عِندما كُنتُ فاني مِثلكُم أيُها البشر، أرى الآن بأعينكُم سؤال ساذج مثلكُم! ماذا أُريد مِنكُم؟ بالفعل سؤال ساذج ولكني سوف أُجيب عليه لأنهُ السؤال الصحيح! سوف أُدمركم يا أهل الأرض، أنتُم تضحكون وتستهزئون بحديثي، ولكني أؤكد لكُم أنني سوف أُدمركُم وأنتقُم مِنكُم وسأكون أنا الحاكم الفعلي للكرة الأرضية، سطحها وجوفها. وأردف غاضباً: - سوف أريكُم عرضاً سيعجبكُم وسأعود إليكُم، ولكن وقتها سوف تعلمون ما أستطيع فِعلهُ. فنظر حولهُ وقال بصوت يصُم الأُذُن: - الآن.
- سيدي أرجو أَن تسمح لي بالحديث، فأنا أعلم ما حدث لـ"سلمى"، لأن والدها حالتهُ النفسية سيئة لتعلقهُ الشديد بِها ومِن الصعب أَن يتحدث الآن وسأقوم أنا بالسرد في البداية. فسأل "عادل" بِحدة: - وما هي عِلاقتك بِهُم؟. فاِعتدل "إسماعيل" بجلستهُ قائِلاً: - أنا جارهُم مُنذ سنوات وإبنتي "منال" صديقة "سلمى"، وكانت معها قبل الاِختفاء بوقت قليل. فاِطمئن "عادل" لحديثهُ وقال وهو يُنصت: - تفضل إذن بالحديث. فتحدث "إسماعيل" وروى له كُل ما حدث بالتفصيل حتى اِنتهى. فشرد "عادل" قليلاً ثُم تحدث قائِلاً: - هل هي مُعتاده على المبيت بالخارج سواء عِند الأقارب أو الأصدقاء؟. ونظر"إسماعيل" لـ"حسان"، فأومأ "حسان" برأسه ثُم رد قائِلاً بصوت ضعيف: - لا، هذا الأمر لا يُمكن أن يحدُث، فالمبيت خارج المنزل ممنوع لكُل أفراد الأُسرة، والزيارات المنزليه للأصدقاء مُباحه لبعض الأصدقاء فقط وبحدود، فنحن أُسرة مُحافظة. فسأل "عادل" سؤالاً ماكراً وهو يمرر يده اليُمنى على ذقنه مِن أعلى لأسفل ويده اليُسرى أسفل كوعه الأيمن قائِلاً: - هل لها أصدقاء مِن الجنس الآخر؟.
وصاحت بها قائِلة: - "نورهان" لماذا جِئتُم مُتأخرين وأين "سلمى" لا أراها بينكُم؟ هل تُجهز لنا مُفاجأة مِن مُفاجأتها الجميلة أم تشتري شيئاً ما؟ فنظرت لها "نورهان" وباقي الفتيات بصمت غريب، ثُم تحدثت "مُنى" صوب والدتها قائِلةً: - تفضلي يا أُمي لغُرفَتِك وسوف أشرح لكِ ما حدث. فسألت باِنفعال قائِلةً: - لماذا تُريدي التحدث في الغرفة؟ هل حدث شيء؟ فنظرت "مُنى" بحسرة وأجابت: - أرجو ألا يكون قد حدثَ شيء!. فردت وعيناها مُتجهه صوب صديقات إبنتها قائِلة: - أخبروني أرجوكم ماذا حدث لإبنتي؟. فردت "نورهان" بصوتها الرقيق العذب: - يا أُم سلمى، يا أُمي، أُقسِم لكِ إننا لا نعلم أين هي، وكُل ما حدث إنها نَهضت في فترة الإستراحة لتُخبركُم بألا تقلقوا عليها، وإنها ستُغادر دار العرض (السينما) فور اِنتهاء الفيلم الذي كُنا نُشاهده وستتجه للمنزل مُباشرة، وبعد أن عاد عرض الجُزء المُتبقي مِن الفيلم، جاءها اِتصال هاتِفي ولم ترد، ثُم عاود الاِتصال مرةً أُخرى... فقاطعتها صديقتها الأخرى"منال" تُكمِل حديثها قائِلة: - فقُلت لها إعطيني الهاتف إِن كان هذا شخص يُضايقك فرفضت، وطلبت مِني مُتابعة الفيلم وذهبت لدورة المياه، وإنتهى العرض ولم تظهر وقُمنا بالاِتصال بها عِدة مرات، ولكن وجدنا هاتِفها مُغلق فقررنا المجيء للمنزِل وتوقعنا أن تكون قد وصلت قبلنا. فصرخت الأُم صرخة واحدة زلزلت أرجاء المنزل وسقطت مُغشياً عليها، فقاموا بإفاقتها سريعاً، فنظرت لهُم وسألتهم قائِلةً: - مَن أنتُم؟ مَن أنا؟ وكيف وصلت هُنا؟.