وبعد مرور يومان، وصل "إيهاب" ومعه النقيب "نبيل الشربيني" ظابط المعلومات لمكتب السيد "خالد"، وطلب الإذن بالدخول، فأذن له، فدخل وأدى التحية العسكرية ثُم جلس، ووجهه عابساً، وكان "خالد" مشغولاً بقراءة بعض الأوراق أمامه، ولكنه بعد لحظات بدأ ينتبه له قائلاً: - ما بك يا "ايهاب"، ماذا يشغل بالك وجعلك في هذه الحاله على غير عادتك المَرِحه دائماً؟. - لا شيء ياسيدي. ويرد "خالد"مُبتسماً: - ألم تنظر لنفسك في المرآه اليوم!. ويرد "إيهاب" وقد بدأت ملامح وجهه في التَغير: - تفضل يا هذا ما طلبته سيادتك، ملف التحريات الخاصة لـ"عبد الكريم" صاحب شركة الأمن و السيدة "أميرة"، وملف آخر به فحص كامل لكُل هاتف على حدى، ومُرفق معهم فلاش ميموري (ذاكرة خارجية)، بها كُل تسجيلات المُكالمات والصور والفيديوهات، التي يُمكن أن تحل لُغز القضية، للقبض على القاتل أو على الأقل تقودنا إليه بطريقة أسرع.
قاطعة "خالد" والاِبتسامة تعتلي وجهه قائلاً: - أَعلم ما تريد قوله، أنت تريد أن تعرف، كيف علمت بأن هاتف السيد "أحمد"، سيكون ضمن أحراز القضية الأُخرى الخاصه بِقاتله، وليس ضمن أحراز قضيته هو. ونظر "إيهاب" مندهشاً وهو يغمغم قائلاً: - بالضبط!. ونظر له بثقة قائلاً: - إِجلس وسوف أخبرك بما تُريد معرفته. وجلس "إيهاب" مُترقبا حديثه قائلاً: - تفضل كُلِي آذان صَاغِيَة. - هل قرأت التحريات الخاصه بالقتيل أو القاتل وبمَن حولهم؟. - قرأت بعضُها فلم يكن لدي مُتسع مِن الوقت لقرائتها كلها. - مذكور فى التحريات، عن السيدة "أميرة" مُديرة منزل القتيل، إنها قابلت شخص إسمه "عبد الكريم الدفراوي".. -وهو صاحب شركة أمن-، أكثر مِن مرة في أكثر من مطعم و... فقاطعة "إيهاب" قائلاً بطريق هستيرية: - أُعذرني يا سيدي على المُقاطعه، ولكني أعتقد بأني على عِلم بهذا الشخص. فيترك مابيده ويقترب بوجهه مِنه قائلاً: - كيف ذلك؟.
فتنفست الصعداء وهدأت قليلاً ثُم قالت: - شكراً لكُم على مجهودكُم، وكيف أستطيع أن أُساعد؟. ثُم أخرج صورة مِن الملف الذي أمامه قائلاً: - أُنظري إِلى هذه الصورة، هل شاهدتيه قبل ذلك؟. فأخذت الصورة ونظرت فيها بتمعُن قائلة: - هل هو القاتل؟. فرد بترقب قائلاً: - نعم. فهَمِت بتمزيق الصورةُ فسبقها "خالد" بإنقاذ الصورة مِن يدها وقام بسحبها سريعاً مِن يدها قبل أن تُمزقها قائلاً: - مِن فَضلِك إهدئي قليلاً لا يصح ذَلِك. - أعتذر يا سيدي على ما فعلته ولكن لم أتمالك أعصابي. - لا تعتذري فأنا أُقدر ما بجوفك مِن ألم وحُزن. ثم اِستَطرَد قائلاً: - لنُكمل كلامنا، هل شاهدتيه مِن قبل؟.
وخرج الجُندي "عبد الرحيم" مِن المكتب، وبدأ يُنادي عليهم وأثناء ذلكُ طلب السيد "خالد" مِن السيد "إيهاب" أن يظل جالس ولا يُغادر وأن يحضر التحقيق فأومأ له بالموافقة. - السيدة "أميرة ناجي" تتفضل بالدخول. بخطوات بطيئة، وبوجه يظهر عليه الحُزن، ويملأه البُكاء الذي ينهمر كامطر، وبملابس يُغلفها السواد، دخلت السيدة "أميرة" لمكتب السيد "خالد"، وعندما رأها بهذا الشكل طالبها بالجلوس، وطلب لها كوب مِن عصير الليمونادا حتى تهدأ، وبعد أن هدأت قليلاً، مِن حديثه وطريقة اِسقباله لها، خفت مِن بُكائها، ورأى "خالد"، إنه بإمكانُه أن يتحدث معها الآن، وبدأ حديثه: - سيدة "أميرة"، هل أستطيع أن أتحدث معكِ الآن؟. بنبرة هادِئة لا تخلوا مِن الحُزن تحدثت، قائلة: - بالطبع، تفضل. - ما هو إسمكِ كاملاً؟ وما هي عِلاقتِك بالقتيل؟.
فيعتدل بجلسته ويجيب باندهاش قائلاً: - نحن نتحدث إسبوعياً تقريباً!. - لم يكن هذا مقصدي! ولكن سوف أُوضح أكثر، هل تكلم معك وتشاجرت معه عبر الهاتف، بخصوص أموال كانت مُستحقة عليك، ولكن أنت قُمت بتأخير هذه الأموال عليه؟. فضحك الحاج "رمضان"وهو يقول: - نحن نتشاجر بعدد شعر رأسي. - أفهم مِن ذلك إنك تتشاجر معه كثيراً!. - نحن أصدقاء خارج العمل، أما بخصوص العمل فهو لا يعرف أحداً، ويتعامل بصرامة إذا كان به أي تقصير، وبخصوص الشجار الذي تتحدث عنه، نعم حدث ولم يكن ذلك أخر شجار بيننا، فقد حدث شجار أخر مُنذ أسبوعان لنفس السبب، فقد كُنت أتأخر عليه غالباً في الدفع بسبب أحوال السوق، فإذا تأخر التُجار في الدفع لي فبالطبع أن أتأخر في سداد ما علي لغيري، وللحق أنا كُنت في بعض الأوقات، أتعمد التأخر في الدفع له اِستغلالاً للعلاقة القديمة التي بيننا، وإنه لن يقوم بشكوتي لهذا التأخر، ودائما ما تنتهي مكالمتي معه بالضحك حتى بعد الشجار. - ولكن مُكالمتك التي أتحدث عنها لم تنتهي بالضحك ولكن إنتهت بالتهديد. فنظر الحاج "رمضان" بقلق وقال وهو يبتلع ريقه بصعوبة: - تهديد، تهديد ماذا، ومَن أخبرك بذلك، كان فيه خلافات نعم، لكن لم ولن يصل الأمر للتهديد مهما يحدث.