وخرج الجُندي "عبد الرحيم" مِن المكتب، وبدأ يُنادي عليهم وأثناء ذلكُ طلب السيد "خالد" مِن السيد "إيهاب" أن يظل جالس ولا يُغادر وأن يحضر التحقيق فأومأ له بالموافقة. - السيدة "أميرة ناجي" تتفضل بالدخول. بخطوات بطيئة، وبوجه يظهر عليه الحُزن، ويملأه البُكاء الذي ينهمر كامطر، وبملابس يُغلفها السواد، دخلت السيدة "أميرة" لمكتب السيد "خالد"، وعندما رأها بهذا الشكل طالبها بالجلوس، وطلب لها كوب مِن عصير الليمونادا حتى تهدأ، وبعد أن هدأت قليلاً، مِن حديثه وطريقة اِسقباله لها، خفت مِن بُكائها، ورأى "خالد"، إنه بإمكانُه أن يتحدث معها الآن، وبدأ حديثه: - سيدة "أميرة"، هل أستطيع أن أتحدث معكِ الآن؟. بنبرة هادِئة لا تخلوا مِن الحُزن تحدثت، قائلة: - بالطبع، تفضل. - ما هو إسمكِ كاملاً؟ وما هي عِلاقتِك بالقتيل؟.
فيعتدل بجلسته ويجيب باندهاش قائلاً: - نحن نتحدث إسبوعياً تقريباً!. - لم يكن هذا مقصدي! ولكن سوف أُوضح أكثر، هل تكلم معك وتشاجرت معه عبر الهاتف، بخصوص أموال كانت مُستحقة عليك، ولكن أنت قُمت بتأخير هذه الأموال عليه؟. فضحك الحاج "رمضان"وهو يقول: - نحن نتشاجر بعدد شعر رأسي. - أفهم مِن ذلك إنك تتشاجر معه كثيراً!. - نحن أصدقاء خارج العمل، أما بخصوص العمل فهو لا يعرف أحداً، ويتعامل بصرامة إذا كان به أي تقصير، وبخصوص الشجار الذي تتحدث عنه، نعم حدث ولم يكن ذلك أخر شجار بيننا، فقد حدث شجار أخر مُنذ أسبوعان لنفس السبب، فقد كُنت أتأخر عليه غالباً في الدفع بسبب أحوال السوق، فإذا تأخر التُجار في الدفع لي فبالطبع أن أتأخر في سداد ما علي لغيري، وللحق أنا كُنت في بعض الأوقات، أتعمد التأخر في الدفع له اِستغلالاً للعلاقة القديمة التي بيننا، وإنه لن يقوم بشكوتي لهذا التأخر، ودائما ما تنتهي مكالمتي معه بالضحك حتى بعد الشجار. - ولكن مُكالمتك التي أتحدث عنها لم تنتهي بالضحك ولكن إنتهت بالتهديد. فنظر الحاج "رمضان" بقلق وقال وهو يبتلع ريقه بصعوبة: - تهديد، تهديد ماذا، ومَن أخبرك بذلك، كان فيه خلافات نعم، لكن لم ولن يصل الأمر للتهديد مهما يحدث.
فتنفس "خالد" الصعداء، وتحدث وقد ظهر عليه الإرتياح قائلاً: - مَن هو وكيف وجدتوه بهذه السُرعه؟. - وجدناه عن طريق تفريغ كاميرات الفيلا وظهر بها وجهه بوضوح، وهو يدخل ويخرُج مِن فوق سور الفيلا، وهو شاب مُسجل لدينا إسمه "شادي الملواني" كان يعمل مُدرس بإحدى المدارس الثانوية الخاصه، وتم فصله بسبب تحرشه بإحدى الطالبات، ثُم تحول للفكر التكفيري لفترة، ثُم عمل بإحدى شركات الأمن لفترة أُخرى وتركها لسوء سمعته، وهو الآن يعمل بإحدى شركات الأمن الأُخرى وإسمها "سكيورتي بلود". - إذن أَرسل قوه مِن الإدارة لتأتي به. - هذا ما فعلتهُ وتم إرسال رجالنا ليأتوا به مُنذ عشرون دقيقة. وأثناء هذا الحديث المُغطى بالاِنتصار، رن جرس الهاتف النقال الخاص بالسيد "إيهاب"، وبعد رده تحولت تعبيرات وجهه مِن السعادة إِلى الحُزن، ثُم أغلق الهاتف وهو يوجه حديثه صوب السيد "خالد" قائلاً: - للأسف القضية عادت لنُقطة الصفر مِن جديد.
وبعد نصف ساعة وصلوا لمسرح الجريمة، وأخذا في تأمُل المكان وتفحصه كاملاً، حتى وصلوا إِلى الغُرفة مسرح الجريمة، وقاموا بفحصها وتحدث السيد "إيهاب" باِهتمام قائلاً: - كيف يمُكن للص غريب عن المكان، أن يصل إِلى هذه الغُرفة بسهوله، ويسرق ويَفر بدون أن يعترضه أحد؟هذا الأمر يُثير الريبه في نفسي؟!. فيرد وقت لمعت عيناه طرباً قائلاً: - صدقت القول يا "إيهاب"، إن هذا الأمر يُثير الشك حقاً، ولكن علينا عدم التسرُع أو التخمين قبل التحريات والبحث، وعلينا وضع شكوكنا جانباً حتى نحتاج إليها. - حسناً سيد "خالد"، ولكن لي مُلاحظة أُخرى!. قال ذلك وهو ينظُر للنافذة، فلاحظ "خالد" هذا، فقال مُبتسماً: - هل تقصد، كيف لهذا القاتل أن يتسلق المبنى، ويعبر مِن النافذة بدون أن تُمس بسوء؟ فيرد وقد تملك مِنهُ الذُهول قائلاً: - بالتأكيد سيدي هذا ما أقصده حقا،.. قوة مُلاحظتك رائعه جداً. فيُحدثه وهو يُرَبَتَ على كتفهقائلاً: - لا تنسى إنك أيضاً لاحظت هذا الأمر!. فيضحك الإثنان وهم يُغادروا الغُرفة، فيهمس "خالد" في أُذنه قائلاً: - لا تُخبر أحداً بما تحدثنا به في الداخل.
وجَلَس "محمود" بالصالون الكبير -على الأريكة الكبيرة التي تعود الجلوس عليها ليكون قريباً مِن منضدة الفاكهة-، واِبتسمت "أميرة" واِنصرفت لتطلب له العصير، ثُم تَوجَهَت إِلى غُرفة المُهندس "أحمد"، التي تتواجد في نِهاية مَمر الغُرف -والتي تعد أكثر غُرفة هادئة في الفيلا وبعيده عن الضوضاء-، ودقت باب غُرفتةُ بِهدوء، وإنتظرت؛ ولم تَسمع أي رد مِن داخل الغُرفة، ثم أعادت دَق الباب مرة أُخرى، ولم تَسمع أي رد أَيضاً!، ثُم زادت مِن حدة دقها للباب عدة مرات، ولم تسمع أي رد! فأصبها القلق والحيرة، فقامت بالنداء على "محمود" السائق، و"علي" الطباخ، فهرولوا إليها مُسرعين على درج السلم كأنهم في سباق، فأستقبلتهم أمام الباب قائلة: